Nombre de visiteur

Visiteurs

jeudi 3 février 2011

خصوصيات العمل الإنساني في الأزمة الحالية

في خضم الأحداث الراهنة، يسعدني أن أوضح لمتطوعينا بعض النقاط الهامة التي تعترضنا منذ بداية الأحداث الحالية.
قلت في البداية أننا لا نستطيع الحديث عن كل الأنشطة التي نقوم بها أو الإعلان عنها مسبقا على الفايس بوك لأسباب أمنية. و الآن و بما أن الهلال الأحمر التونسي أصبح مستهدفا و بما أن أمن متطوعيه أصبح مهددا فإن الإعلان عن هذه الاعتبارات يبدو واجبا من نظري.
لنبدأ بتحليل الخصوصيات الأمنية الحالية. تونس لا تعرف اليوم حربا بالمفهوم الكلاسيكي للحروب و الاعتداءات الأمنية الحاصلة حاليا لا تشبه بالمرة ما حصل في تونس خلال حرب الجلاء أو النضال من أجل الاستقلال. لعلمكم فإن كل الجنود في الجيوش النظامية يقع تعليمهم اتفاقيات جنيف بما فيها احترام شعار الهلال الأحمر و الصليب الأحمر قبل تعليمهم إطلاق النار. بينما بدا لنا واضحا منذ البداية أن من يطلق النار حاليا يستهدف الأبرياء و العزل لزرع الخوف في قلوب الناس. و نحن نعلم أن قوات الأمن الداخلي و المدنيين من حاملي السلاح لا يقع تعليمهم اتفاقيات جنيف بما أن الهلال الأحمر و الصليب الأحمر ليس من المفترض أن يتدخلا خلال المشاكل الأمنية الداخلية. و هنا خفنا ليس فقط من أن يتعرض متطوعون للاستهداف لو تدخلوا كوسيلة لزرع المزيد من الخوف و البلبلة بل خفنا أن تقوم بعض العصابات التي تطلق النار بارتداء زي الهلال الأحمر التونسي أو ركوب سيارة الإسعاف للهلال الأحمر التونسي و استغلالها للإعتداء على الناس خاصة بعد القبض على مسلحين يستعملون سيارات إسعاف .

و خلال هذه الفترة عانيت كمسؤول في الهلال الأحمر التونسي من قلة معرفة بعض المتطوعين باتفاقيات جنيف و بالقانون الدولي الإنساني. و كان علينا أن نواجه مخاطر خارجية نجهل حجمها و مدى امتدادها و مخاطر داخلية تتمثل في محاولة بعض الأطراف الجز بالهلال الأحمر في فخ الإنحياز و مخالفة مبادئه الأساسية أو تعريض حياة متطوعيه للخطر دون أية ضمانات وهو ما من شأنه إفقاد ثقة الناس فيه.
تصوروا أن عملية التبرع بالدم رغم بساطتها أصبحت مسألة معقدة في تلك الفترة. فحضر التجول و خوف الناس من الخروج من منازلهم جعل حجم التبرع في الفترة الأخيرة ينخفض بشكل كبير خاصة أن هناك العديد من المرضى و خاصة الأطفال المصابين بسرطان الدم في حاجة دائمة و ماسة للدم. فكان واجبا على الهلال الأحمر التونسي أن يتدخل بحشد المتبرعين من بين متطوعيه أو من المواطنين العاديين.و إن كانت العملية مأمونة بعض الشيء في تونس العاصمة نظرا لكون بنك الدم موجود في مركز مستقل، فإن الوضع في المستشفى الجهوي ببنزرت مختلف بعض الشيء نظرا لكون البنك و قسم الإستعجالي و الأقسام الإستشفائية موجودين في نفس البناء. فحصل أن تقدم بعض الأشخاص للبوابة الأمنية بصفتهم متبرعين بالدم بينما هم في الحقيقة كانوا يحاولون الإعتداء على المرضى في المستشفى. و وقع الإمساك بهم . و قام الهلال الأحمر بالتنسيق مع الجيش الوطني و إدارة المستشفى بوضع خطة لضمان كون المتقدمين للتبرع بالدم ليسوا من المعتدين. و لم نتمكن من الإعلان عن هذه الإجراءات في ذلك الوقت لخشيتنا أن يقوم المعتدون بتجاوز الإجراءات الأمنية التي قمنا بها و الإعتداء علينا أو على المرضى.
من جهة أخرى حاولنا قدر الإمكان عدم الإعلان عن مكان نشاطنا حتى لا يقع الهجوم عليه و حرص متطوعونا على عدم ارتداء زي الهلال الأحمر في الشارع حتى لا يقع الإعتداء عليهم سواء للإرهاب أو لافتكاك زيهم.
الآن وقع الإعتداء علينا و على مقراتنا رغم كل الإحتياطات و ذلك لإصرار أطراف نعرفها و أخرى نجهلها على الجز بالهلال الأحمر في متاهات العنف سواء بإصدار الإشاعات الخاطئة أو أحيانا إنتحال صفة بعض المسؤولين في الجمعية لتقديم تصريحات تبدو بريئة في خارجها لكنها مبطنة بنوايا سيئة في داخلها.
لذا أرجو من متطوعينا الانضباط في هذه المرحلة و الالتزام بالهدوء و العمل بصمت و سرية و عدم بث الفرقة أو زعزعة ثقة المواطنين في الهلال الأحمر لأن حياة متطوعين يعملون بجد في الخفاء هي الآن في المحك.
ما يقوم به الهلال الأحمر التونسي في الجهات في ظل غياب بقية أركان المجتمع المدني لخوفهم على ممتلكاتهم أو حياتهم مجهود جبار. وكما قال أحد المتطوعين نحن الآن نسير على أرض مفروشة بالبيض يمكن لأي حركة خاطئة أن توقعنا و تحطمنا. فلتكن ثقتكم في جمعيتكم كبيرة و ساعدونا بعملكم الصامت و التزامكم. و ليكن حديثنا و نقاشنا بعد أن تهدأ الأوضاع.
و أنا كلي ثقة في إنسانيتكم و في حبكم لهذه الجمعية و ولائكم لوطنكم تونس.

mercredi 2 février 2011

عندما يصبح الهلال الأحمر خطرا على حامليه



الهلال الأحمر التونسي جمعية انسانية إسعافية تطوعية تسعى لمساعدة الفئات الأشد ضعفا بتعبئة قوة الإنسانية.

من مبادئها الأساسية الحياد خلال النزاعات السياسية و العسكرية حيث أنه يبقى دائما خارجها و لا يصدر أحكاما أو مواقف تجاه أي طرف. كذلك يحتل مبدأ عدم الإنحياز موقعا هاما حيث أنه لا يفرق بين الناس حسب لونهم أو لغتهم أو معتقداتهم أو جهتهم أو أي شيء آخر. وهو بهذا يقدم دعمه للفئات الأشد ضعفا و الأكثر احتياجا. أخيرا تمثل الإستقلالية مبدأ عمليا هاما حيث أن جمعية الهلال الأحمر التونسي مستقلة في قراراتها و طرق تصرفها في المساعدات و لا تخضع لضغوطات أي طرف كان.

أغلب العاملين في الهلال الأحمر التونسي هم من الشباب المتطوع أي أنهم لا يتقاضون أجرا مقابل نشاطهم. و فيهم من هو عاطل عن العمل و فيهم من يعيش وضعيات إنسانية صعبة. و يعمل المتطوعون صباحا مساء في ظروف صعبة حتى خلال إطلاق النار أو أحداث العنف الحالية وهم يتنازلون عن احتياجاتهم الأساسية مقابل مشاهدة البسمة على وجوه المستضعفين.

و من المفترض تبعا لطبيعة عمل هذه الجمعية الإنسانية أن تحظى باحترام المجتمع و بمساعدته و دعمه حتى تتمكن من تحقيق هدفها الأسمى ألا وهو حماية كرامة الإنسان.

و لكن يروعنا هذه الأيام أن نشاهد مقرات الهلال الأحمر التونسي البسيطة و المتواضعة تشهد هجوم الناس عليها و اعتداءهم أحيانا حتى على العاملين بها. فمقر الهيئة الجهوية بتونس تعرض للخلع و النهب، و مقر الهيئة الجهوية بأريانة وقع استعماره من قبل مجموعة من الشباب يرفضون مغادرته. ومقر الهيئة الجهوية ببنزرت تعرض للخلع و المتطوعون موجودون بداخله ثم قام مجموعة من الشباب في حالة سكر واضحة بتهديد المتطوعات و المتطوعين بالإعتداء بالعنف دون الحديث عن الألفاظ النابية التي يقع التلفظ بها في وجوههم أو الإتهامات المجانية الموجهة لهم.

تصوروا أن من المواطنين من يأتي للهلال الأحمر التونسي طالبا مساعدته في بناء طابق ثان للمنزل أو طالبة مساعدتها في تزويج إبنتها أو من أتت لإصلاح ثلاجتها. و هناك من أتى طالبا من الهلال الأحمر أن يدفع له تعويضا جراء الأضرار النفسية التي لحقت إبنته لأنها سمعت صوت إطلاق النار. وهناك من الناس من يأتي في سيارته و يقترح علينا أن نضع مساعدات غذائية فيها لأنه محتاج.

و بما أنن جمعية الهلال الأحمر لا تقدم المساعدات الغذائية إلا للفئات الأكثر إحتياجا بناء على تقييم دقيق و شفاف، فإننا وجدنا أن أغلب الناس الذين جاؤوا طلبا للمساعدة هم من ميسوري الحال وهو ما عطل عملية الحصول على المساعدات و جعل عملنا التقييمي أكثر صعوبة.

كما اكتشفنا أن بعض الفئات تقوم بتشويه حالة المنزل و إخفاء مقتنياتهم الثمينة و أحيانا يغيرون عنوانهم حتى يغالطوا من جاؤوا لتقييم حالتهم.

من جهة أخرى وجدنا أن هناك أفرادا يقومون بإخراج إشاعات خاطئة لتعطيل عمل الجمعية بتهديد أمن متطوعيها.

كل هذه العوامل جعلت من حمل شارة الهلال الأحمر خطرا على متطوعيه و على مقراته. وهو ما يجعلنا نحرص على العمل في الخفاء حتى يمكننا تقديم المساعدة لمن يحتاجها دون تعريض أمن متطوعينا للخطر.

كما نعول على تفهم وسائل الإعلام و الجهات المانحة للوضع الإنساني الحالي و ثقتهم في شفافيتنا و حسن عملنا.

حافظ بن ميلاد